-A +A
عبدالله الغضوي (إسطنبول) Okaz_online@
تحتاج قراءة زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان أكثر من زاوية، ذلك أن تاريخ العلاقة الإستراتيجية بين البلدين يأخذ الزيارة إلى أبعاد عميقة في فترة سياسية حرجة على المستويين الإقليمي والدولي.

ولعل تعبير رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان خلال حديثه لصحيفتي «عكاظ» و«سعودي جازيت» أمس (الأحد) الأكثر دقة وواقعية ومصداقية حين قال: «المملكة العربية السعودية الأقرب إلى قلوبنا». وبهذه العبارة اختصر عمران خان تاريخا سياسيا واقتصاديا وحتى على المستوى البشري في التعبير عن العلاقات السعودية - الباكستانية.


على مدار السنوات القليلة الماضية كانت باكستان بعمقها الإستراتيجي في أولوية السياسة السعودية الخارجية، وقد زارها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 3 مرات، في الأعوام 2014 و2015 و2016، لتأتي الزيارة الحالية تأكيدا على ثبات مستوى هذه العلاقة ونموها وازدهارها في ظل التكتلات والتحالفات الإقليمية والدولية.

ولا يخفى على المتابع السياسي تعرض باكستان لمغناطيس إقليمي يريد أن يقحمها في لعبة المحاور الإقليمية، وقد دار جدل طويل حول بوصلة باكستان في معمعة الاصطفافات حول قضايا المنطقة، وهنا يكمن ذكاء ولي العهد، ذلك أن الأمير الشاب اعتاد على الهدوء ومن ثم المفاجأة، ليؤكد أن السعودية ما زالت الرقم الأقوى في المعادلة الإقليمية ولم تعتد الابتعاد عن الحلفاء والأصدقاء، بل تعمل على الوقوف إلى جانبهم في كل المحن، ولم تعتد أيضا أن يتضاءل رصيدها السياسي بل تعمل على توظيف سمعتها وحكمتها في التقريب بين الدول.

ومثلما لقي الأمير محمد بن سلمان الحفاوة والاهتمام في باكستان فإنه سيجدها في الهند والصين بكل تأكيد، ما يعكس حجم المملكة العربية السعودية وإدراكها لحالة التوازن الدولي.

خليط من السياسة والاقتصاد والأمن والتعاون الإستراتيجي كانت في أجندة ولي العهد، إذ يرافقه خلال الزيارة عدد كبير من المسؤولين ورجال أعمال بارزين. وقد تحدثت وسائل الإعلام الباكستانية أن البلدين سيوقعان خلال هذه الزيارة على عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم في قطاعات متنوعة، بما فيها الاستثمار، والتمويل، والطاقة، والطاقة المتجددة، والأمن الداخلي، وغيرها. نحن إذاً أمام أمير شاب متجدد لا يهدأ ويشغل العالم بتحركاته وسياسته الرصينة، فالسعودية اليوم رغم حملات التشويه المغرضة على سلم المكاسب وفي كل يوم تحقق مكاسب سياسية لتثبت للعالم أن الرابحين هم الذين يعملون شرقا وغربا بصمت.